اللوحة المنسية
"""""""""""""""""""""""""""
سار الهوينة في الشارع وبخطى متثاقلة بدى فيها مترنحا ،بيد أنه كان ينشد الظل وقد بزغت الشمس صباح ذاك اليوم حارة ...وكعادته كان يعشق دس يديه في جيوبه كأنه يأبى مجابهة الغير ويرغب في الاٍنطواء خاصة وأنه عاطل عن العمل منذ مدة معتبرة...
اٍقترب من بعض المارة ورأى زحاما ،فقصده فضولا ولم يكن من ديدنه ذلك...ثم رفع قبعته ممررا أظافره يحك فروة رأسه....أسدل القبعة حتى غطت حاجبيه ،ثم تقدم إلى الجمع وتساءل بإشارة من تجاعيد وجهه....فقد ناهز العقد الخامس وابيضت لحيته فخالجت سواد معطفه...أجابه أحدهم بإشارة مماثلة ...ثمة رفع صاحبنا رأسه متمتما: المعرض الوطني .... للفنون التشكيلية ...
ضحك بينه وبين قرارات نفسه وتذكر مستطردا مخاطبا في الغياب: أنا أيضا كنت رساما...هههه
ثم اٍنتابه فتور وأسى أعقبه أسف على تلك السنوات التي كان يبدع فيها رسوماته قبالة الشاطئ او في الحدائق .....وكان يبيعها لأجل نزوة عابرة أو نزهة مع ثلة خاسرة...
اٍنظم طوعا إلى الطابور وقد سر بما وجده في جيبه ،فقد كان المبلغ يفي بقص التذكرة....دخل بهو المعرض فوجد أناسا كثيرين... زرافات وفرادى قد توزعوا على مجموعة هائلة من اللوحات الفنية المنتشرة على كافة مساحة البهو وفي الأروقة ....وهو يتجول رويدا رويدا بين تلك الإبداعات رأى مجموعة من الناس قد التفوا حول رجل يحدثهم عن لوحة أمامه بدت غاية في الإتقان ....
وكم ذهل الرجل حين رأى اللوحة ،وكاد يغمى عليه ...لقد كانت التحفة من إبداع أنامله أيام كان في عقده الثاني ..وهذا المتشدق صاحب البزة الأنيقة الجميلة لم يكن سوى صديق تلك المرحلة ...هنالك أعاد تذكر الأيام الخوالي حين كان علما بين أترابه فيما تتنج ريشته وألوانه...واختنق غيظا سيما وأنه لم يلحظ إمضاءه على اللوحة وقد تنكر له صديقه ولم يحفظ الأمانة .ولم يعره أي اهتمام قط ..وراح يفتح المزاد لبيع عصارة جهد وفكر ذاك الذي انسحب من المعرض في هدوء كما دخله والدمع محبوس في المقل ، ونار الأسى والندم ألهبت وشائج الصدر وأثقلت الركب....ثمة أيقن أن الزمن قد ولى مدبرا ....كيف لا والأنامل بدأت ترجف ..طأطا رأسه عند المخرج ملقيا نظرة أخيرة على لوحته ،لكنه تمنى في خلجاته أن تباع غالية.....
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
مقدير إبراهيم / تبسة ( الجزائر)
"""""""""""""""""""""""""""
سار الهوينة في الشارع وبخطى متثاقلة بدى فيها مترنحا ،بيد أنه كان ينشد الظل وقد بزغت الشمس صباح ذاك اليوم حارة ...وكعادته كان يعشق دس يديه في جيوبه كأنه يأبى مجابهة الغير ويرغب في الاٍنطواء خاصة وأنه عاطل عن العمل منذ مدة معتبرة...
اٍقترب من بعض المارة ورأى زحاما ،فقصده فضولا ولم يكن من ديدنه ذلك...ثم رفع قبعته ممررا أظافره يحك فروة رأسه....أسدل القبعة حتى غطت حاجبيه ،ثم تقدم إلى الجمع وتساءل بإشارة من تجاعيد وجهه....فقد ناهز العقد الخامس وابيضت لحيته فخالجت سواد معطفه...أجابه أحدهم بإشارة مماثلة ...ثمة رفع صاحبنا رأسه متمتما: المعرض الوطني .... للفنون التشكيلية ...
ضحك بينه وبين قرارات نفسه وتذكر مستطردا مخاطبا في الغياب: أنا أيضا كنت رساما...هههه
ثم اٍنتابه فتور وأسى أعقبه أسف على تلك السنوات التي كان يبدع فيها رسوماته قبالة الشاطئ او في الحدائق .....وكان يبيعها لأجل نزوة عابرة أو نزهة مع ثلة خاسرة...
اٍنظم طوعا إلى الطابور وقد سر بما وجده في جيبه ،فقد كان المبلغ يفي بقص التذكرة....دخل بهو المعرض فوجد أناسا كثيرين... زرافات وفرادى قد توزعوا على مجموعة هائلة من اللوحات الفنية المنتشرة على كافة مساحة البهو وفي الأروقة ....وهو يتجول رويدا رويدا بين تلك الإبداعات رأى مجموعة من الناس قد التفوا حول رجل يحدثهم عن لوحة أمامه بدت غاية في الإتقان ....
وكم ذهل الرجل حين رأى اللوحة ،وكاد يغمى عليه ...لقد كانت التحفة من إبداع أنامله أيام كان في عقده الثاني ..وهذا المتشدق صاحب البزة الأنيقة الجميلة لم يكن سوى صديق تلك المرحلة ...هنالك أعاد تذكر الأيام الخوالي حين كان علما بين أترابه فيما تتنج ريشته وألوانه...واختنق غيظا سيما وأنه لم يلحظ إمضاءه على اللوحة وقد تنكر له صديقه ولم يحفظ الأمانة .ولم يعره أي اهتمام قط ..وراح يفتح المزاد لبيع عصارة جهد وفكر ذاك الذي انسحب من المعرض في هدوء كما دخله والدمع محبوس في المقل ، ونار الأسى والندم ألهبت وشائج الصدر وأثقلت الركب....ثمة أيقن أن الزمن قد ولى مدبرا ....كيف لا والأنامل بدأت ترجف ..طأطا رأسه عند المخرج ملقيا نظرة أخيرة على لوحته ،لكنه تمنى في خلجاته أن تباع غالية.....
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
مقدير إبراهيم / تبسة ( الجزائر)
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق