الأحد، 13 يناير 2019

البرد ....قصة قصيرة بقلم الأديب / رشاد الدهشوري

البرد........................قصة قصيرة للنقد...


فتش جيوبه عن آخر جنيهات بقيت معه
 البائعة غمزت بعينها وهى تتابع عينيه التى تقلب فى بضاعتها وصدرها البض الأبيض الذى إنكشف بعضه , تأكدت من جوعه فابتسمت فى خبث ,ولما تأكد أنها ترقبه أحس بالخجل أدار ظهره وانصرف .
ولما عاد وجد زوجته تصرخ وتولول
 "اتصرف يا راجل ..شوف لنا مكان غير الأوضة دى ..أنا كل ما ادخل الحمام الاقى عين راجل بتبص على جتتى"
إندفع الدم إلى نافوخه وإحمر وجهه وكأنه جمرة نار ,وصع كفيه على وجهه وبكى.
تذكر يوم ماتت أمه وهى ترتجف من شدة البرد 
 غطاها "بحرام مصنوع من صوف الغنم وأشعل بعض قطع الخشب الجاف وجلس حتى صفت النار وانقطع الدخان تماما ادخل الموقد الى الغرفة وجلس بجوار أمه يدفئها حتى نام بجوارها وفى الصباح ماتت ,ولما ذهبوا بها الى المقابر ليدفنها تصدى عمه للجنازة وأقسم بغليظ الأيمان ألا تدفن فى مقابرهم وأقسم أن أبوه ليس له فى المقابر وأن هذة المقبرة له وأولاده فقط وانه اشتراها من ماله ,يومها جن جنونه وكاد أن يفتك بعمه لولا تدخل أهل القرية ودفنوها فى مقابر أهلها.وبعدها أقسم أن يترك القرية إلى الأبد .
 سنين وهو يبحث عن دار على قد الحال يشتريها .أمنيتة أن يجد ولو غرفة تحتويه وزوجته وولده الذى يحبوا.
وتذكر يوم جاء إلى هذه الغرفة .
 قالت له صاحبة المنزل أن الثلاث غرف الآخرى مؤجرة لعمال غرباء وأن العمال الغرباء يعيشون بلا نساء .كان مضطرا فوافق
كل يوم يمر اشد بردا من ما مضى وكأن أيامه كلها شتاء.
همس لزوجته" نفسى استحمى زى الناس"
 زوجتة تهمس ..(ما تزعلش ..غصب عنى ...كل يوم الاقى شحط منهم فى الحمام وأنا تعبت والبرد نهش جسمى وهد قوتى, نظر الأرض وراح يهمهم
..لم يتمالك نفسه وضع يدة على فمه وراح يتقيء ويصرخ ااةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة.
........
لااول مرة يجد أبواب الغرف الثلاثة المؤجرة مغلقة باقفال
 همست زوجته فى فرح .."الجو هادى ومافيش ولا شحط منهم هنا تعالى "إحمر وجهه فرحا ,له أكثر من شهر يعيش فى قلق بسبب هؤلاء الغرباء ساكنى تلك الغرف. 
همست " تتغدى الأول ولا تيجى ننام شويه" 
قبض على زراعها فرحا واندفعا ناحية الغرفة 
صعقته المفاجآة ,العمال الغرباء الثلاثة فى غرفته ومعهم صاحبة الدار.
وقبل أن يفتح فمه صرخت فى وجهه 
 "انت من الشهر الجاى تشوفلك مكان غير الأوضة دى ..ده سكن عزاب ..وأنا مشهحط النار جنب البنزين".
لم يجد فى فمه ريقا يبتلعه حتى لسانه أحس أنه ليس فى موضعه,
خطف طفله النائم من السرير وقبض على يد زوجته وانطلقا.
..... 
أسند كتفة للحائط المبنى من الطين اللبن (الطويف) وراح يتفحص المكان بعينيه 
قال صاحب الدار
-"اوضة ومطبخ وعندك أربعه متر براح اعمل فيهم بيت الأدب لما ربنا يدبرها". 
الدار دى لاجار يغلبك ويناكف فيك منك للغيطان والزرع".-"
همست الزوجة وهى تتقافز من شدة الفرح.
خلعت قرطها الذهبى ودسته فى يد زوجها .
-- "اشترى الدار"
إبتسموا وقرؤا الفاتحة
 راحت تدور فى الغرفة ..تتحسس جدرانها جدار جدار.بينما تخير الزوج مكانا وراح يحفر ..ثم صرخ فى زوجته ان تمسك معه انزلا برميلا فارغا الى الحفرة وصنع جدارا من البوص وليسه بالطين الناتج من الحفر ..ثم خلع سرواله وقضى حاجته
ووقف يتأمل ما هو فيه . ..
صرخت الزوجة فرحة .
-- اخيرا بقى لينا بيت أدب 
وفى المساء اشعلا راكية نار
وجلسا يدفعان البرد 
همس لها
--" اية رئيك بقى الاوضة دفى وتفرح" ..
إبتسمت وهى تهدهد وليدها .
"نام يا حبيبى نام وادبحلك جوزين حمام" 
. همست
.."الواد نام"
همس .."انا برداااااااااااااااااااااان" 
ضحكت ..."النار قدامك اتدفى يا راجل" 
أخذ الولد ..ضمه الى صدره ..ضغطه بشدة ..ثم وضعه فى الفراش ...
تمددت الى جوار ه ..همس وهو يضمها الى صدره
أخيرا أصبح لنا بيت نعيش فيه .
.
همست له
""لاول مرة فى حياتى أحس أننى ست بيت 
ضغطها فى صدرة ...زامت وعينيها على جمرات النار المتوهجة
فى الموقد.
." النار, النار ياراجل نسينا نطفيها"
همس وهو يداعبها:.
" انا سأطفئها"_
 … ضحكا وكأنهما لم يضحكا من زمن بعيد



ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2013 منارة القلم الفصيح
تصميم : يعقوب رضا