"الفصل السابع"
أبلغتني ليلى أن الشرطة ألقت القبض على عمال المدافن اللذين ساعدوا في استخراج جثمان ناريمان من قبرها..وبتضييق الخناق عليهم أدلوا باعترافات خطيرة قلبت الأوضاع رأسا على عقب.. حيث أكدوا في أقوالهم أن البروفيسور هو الذي خطط ونفذ واختطف ناريمان بعد أن أخبرهم أنها مازالت على قيد الحياة.. وقد تم دفنها بطريق الخطأ وأنة سوف يخرجها ويعالجها ويعيدها الى أهلها..وقام بإعطائهم مبلغ من المال نظير مساعدته في فتح المقبرة واستخراجها .. وجعل الأمر طي الكتمان.
كنت قد توقعت هذا السيناريو ورسمت أحداثه في خيالي الفترة الماضية.. ولكن لم أجروء على البوح به لعدم وجود أدلة تدمغ ظنوني..وهاهي الأيام تثبت صدق إحساسي..وتتحول هواجسي وبذور الشك التي تملئ صدري إلى يقين أن البروفيسور هو من أقدم على هذه الفعلة الشنعاء وأنه المجرم الحقيقي وراء هذه الأحداث..ولكن مالم أكن أتوقعه أو خطر لي على بال أن تكون ناريمان مازالت على قيد الحياة..حيث اعترف عمال المقابر أنهم قاموا باستخراج ناريمان من المقبرة والحياة تدب في أوصالها.
أخذت ليلي تروى هذه الأحداث ونبرة صوتها تعرب عن شكوكها في رواية عمال المقابر.. خاصة فيما يخص بقاء ناريمان على قيد الحياة..وكادت أن تفقد القدرة على استيعاب فحوى هذه الأحداث التي تعاقبت أحداثها سريعا..وأخذت تمر أمامنا كشريط سينمائي لفيلم من الخيال العلمي البعيد عن أرض الواقع والذي دمجنا معه وحلق بنا في دنيا الخيال .
استمعت إلى حديث ليلى والتمست لها بعض الأعذار في تشككها في صدق رواية العمال ..فجميعنا واقعا بين مصدقا ومكذب ..وتأرجحنا الظنون بين شك ويقين ..فهذه الأحداث قد جمحت بخيالنا تارة..ولامست بنا أرض الواقع تارة أخرى..فكيف وليلى أختها التي شهدت وفاتها..وبكت فراقها..وسارت في جنازتها..ووارت التراب جثمانها..وتلقت عزاءها .وتعيش مع ذكرياتها ..فلها كل الحق أن يملئ الشك قلبها ..وتأخذ الظنون بعقلها .
أيقنت بما لايدع مجالا للشك أن ناريمان حبيبتي لاتزال على قيد الحياة ..وأن ما حدثني به عقلي وصدقه قلبي لم يكن هاجسا يراودني ويسير بي في درب من دروب الخيال ..فقد كان يتملكني يقين بحياة ناريمان..ولم أجد في نفسي ما يحملني على القناعة بموتها ..وقد تشككت كثيرا وظللت رافضا فكرة وفاتها لمدة غير قصيرة..وأعانني علي ذلك شعورا وإحساسا جارفا ببقائها في دنيانا وعدم مغادرتنا للعالم الآخر..غير أن معطيات الأمور وجزم من حولي ودفعهم الحجج والبراهين بوفاتها أخذني لمنحى آخر وجعلني أسلم بالأمر الواقع..غير أنني أدركت الآن وبعد محادثة ليلى القصيرة أن ما كان يستقر في نفسي هو اليقين ذاته .
أيقنت بما لايدع مجالا للشك أن ناريمان حبيبتي لاتزال على قيد الحياة ..وأن ما حدثني به عقلي وصدقه قلبي لم يكن هاجسا يراودني ويسير بي في درب من دروب الخيال ..فقد كان يتملكني يقين بحياة ناريمان..ولم أجد في نفسي ما يحملني على القناعة بموتها ..وقد تشككت كثيرا وظللت رافضا فكرة وفاتها لمدة غير قصيرة..وأعانني علي ذلك شعورا وإحساسا جارفا ببقائها في دنيانا وعدم مغادرتنا للعالم الآخر..غير أن معطيات الأمور وجزم من حولي ودفعهم الحجج والبراهين بوفاتها أخذني لمنحى آخر وجعلني أسلم بالأمر الواقع..غير أنني أدركت الآن وبعد محادثة ليلى القصيرة أن ما كان يستقر في نفسي هو اليقين ذاته .
حاولت بعد جمع شتات فكري أن أستيقن بعض الأمور التي غمض على فهمها..وأتحرى بعض الأجوبة على أسئلتي الحائرة التي عمد عقلي على ضخها حول قضية وفاة ناريمان وكيفيه دفنها وهى على قيد الحياة..مما يجعل من وفاتها لغزا بحاجه إلى بعض المعلومات التي تساعد على فك طلاسمه وحل رموزه .
تواصلت مع ليلى واستطعت أن أضع يدي على بداية الخيط الذي فسر لي بعض ما التبس على فهمه وغمض استيعابه..وكان بداية فك اللغز الذي استعصى على حله..حينما علمت أن البروفيسور هو من قام بالكشف على ناريمان بعد سقوطها ودخولها في غيبوبة فقدت على إثرها الوعي..و قد استغل حالة شتات الفكر والحزن التي ألمت بالأسرة وثقتهم به وأخبرهم أن ناريمان فارت الحياة على إثر سقوطها وإصابة رأسها إصابة قاتلة ..وفند أسباب الوفاة في تقريره الطبي الذي كتبه بخط يده .
يبدو أن البروفيسور قد أيقن أن الظروف باتت مواتية لتنفيذ خطته الإجرامية التي ربما كانت وليدة اللحظة..أو قد يكون وضع خططا سابقة لاختطافها وحينما سنحت له الفرصة عمد على استغلالها ..وأوهمه خياله المريض أنه بذلك يستطيع أن يتملك ناريمان ويوقعها في قبضته وينال منها ويتزوجها.
لم يساور أحدا من العائلة شك في تشخيص البروفيسور وتقريره الطبي ..فلم يدر بخلدهم أن يكون أستاذها وطبيبها بهذه العقلية الإجرامية ..وأن تخول له نفسه فعل جرم لا يضاهيه فيه عتاة الإجرام .
تولى البروفيسور ترتيبات تجهيز الجثمان بما له من صفة في المستشفى ومعرفته بالقائمين على هذه الأمور..وثقة أسرتها أن ابنتهم في أيد أمينة..وانشغالهم في ترتيب إجراءات الجنازة والدفن والاتصال بالأهل والأقارب ..وغير ذلك من الأشياء المعتادة في هذه الأحوال.. وقد أتاح له ذلك تنفيذ خطته بالاستعانة والاتفاق مع أعوانه اللذين ساعدوه في إتمام المراسم وإنهائها دون أدنى شك .
استعدت العائلة لدفن ابنتهم وسارت جنازة مهيبة حضرها القاصي والداني وودعها الأهل والأحباب وعيونهم يملأها الدمع وقلوبهم تفيض بالحزن.. يملأهم الشك أنهم في طريقهم لمواراتها التراب وأن جنازتها هي أخر عهدهم بها ..وأن من كانت بالأمس تملئ الحياة حركة وبهجة ..باتت اليوم جثمان بلا حراك سرعان ما يضمها قبرها وتغيب عن دنياهم.
وحضر البروفيسور جنازتها وكان على رأس المشاركين والمشيعين..وأول من تقدم بواجب العزاء لأسرتها وذرف من الدمع الكثير وتباكى معهم لفقدانها .
وبعد انتهاء مراسم الدفن ومغادرة الأهل والأصدقاء سارع بقلب ميت ونفسا مريضة بتنفيذ خطته ونبش قبرها بمساعدة عمال المقابر..وقام باختطافها وذهب بها إلى مكان غير معلوم .
انتابتني حالة من الغضب والحنق على هذا المعتوه وفعلته الحمقاء التي زاد من جرمها أنها تأتى ممن تبوءا أسمى المهن الإنسانية..وارتقى أعلى الدرجات العلمية..وأقسم على الأمانة والمسئولية..وها قد ضرب عرض الحائط بالقيم والمبادئ الإنسانية..وحنث بقسمه وسخر علمه ومهنته لخدمة أغراضه الشيطانية..ونفذ جريمته غير عابئ بالتضحية بمستقبل إنسانة بريئة في مستهل حياتها..والقضاء على حلمها ..وحرمانها فرحتها التي جدت واجتهدت سنين طوال للحصول على شهادتها وتتويجها في حفل تخرجها..وقام بدفنها والحياة تدب في جسدها..وحرمها أهلها وحبيبها وعالمها..وأورد صحتها الهلاك بعد أن كادت أن تتماثل للشفاء .
ذهبت السكرة وجاءت الفكرة وبدت أسئلة كثيرة تطرح نفسها.. أين ذهب بها ؟وماذا عن حالها ؟وكيف السبيل للعثور عليها وإنقاذها من براثنه ؟
أسئلة تمنينا أن تحمل لنا الأيام التالية الإجابة عليها..وأن كان الشك بدا يراودنا بعد أن طالت الأيام وزادت الأمور غموضا !!
البقية تأتي
نصر سليمان محمد
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق